ندوة صحفية حول القضية العسكرية لنائب الشعب ياسين العياري

مرحبا بالسادة المواطنين، المواطنات، الصحفيين والصحفيات في الفضاء المخصص للندوة الصحفية المنعقدة من أجل كشف حقائق ومعلومات هامة حول القضية العسكرية التي تم على إثرها إعتقال نائب الشعب ياسين العياري.
شكرا لإصراركم على كشف الحقائق.

اليوم يمكننا مدكم بالأدلة على هذا الإعتقال العسكري الشكل، سياسيّ المضمون.
و حتى تتضح الصورة تماما، وجب علينا الرجوع بالزمن إلى سنة 2017، فمن هناك بدأت القصة.
ديسمبر 2017، نُظّمت انتخابات تشريعية جزئية في دائرة ألمانيا نعرف جميعا الهدف منها حينها. وبسبب هذا التصرف الذي أقدمت عليه الأحزاب الحاكمة وقتها، قرر ياسين العياري الترشّح في هذه الانتخابات و الفوز على مرشّح النداء والمدعوم أيضا من النهضة وقتها. وهو ما حدث.
فاز ياسين على مرشح السيستام و أصبح نائبا للشعب على دائرة ألمانيا. ومن هنا بدأت محاولات هذا السيستام للإيقاع به.

بعد إعلان فوزه بعدّة أيام، و بالتحديد يوم 4 جانفي 2018، قامت النيابة العسكرية بفتح تتبع مريب في حق ياسين العياري وذلك من أجل عدم السماح له بالعودة إلى الوطن والإلتحاق بمهامه في مجلس النواب.
حيث تم في نفس هذا اليوم القيام بكل الإجراءات التالية:
1- فتح تتبّع بخصوص تدوينة دون استدعائه
2 – إصدار بطاقة جلب من النيابة العسكرية مباشرةً، وذلك رغم عدم اختصاصها باصدار هذه البطاقة إلا في حالة تلبس
3- توجيه هذه البطاقة إلى مركز الأمن الوطني بباردو بالرغم من أن مقر سكنى ياسين العياري معلوم في العوينة، كما أن الجميع يعلم أنه في ألمانيا حينها.
4- توجيه نفس البطاقة إلى عمدة باردو في نفس اليوم
5- رجوع البطاقة في نفس اليوم أيضا من مركز الأمن بباردو ومن العمدة دون تنفيذ.
6 – إعلام النيابة العامة العسكرية في نفس اليوم بأنه غير موجود التي استصدرت في نفس اليوم أيضا قرار إحالة تحت عنوان “أكيد”
7- في نفس اليوم أيضا تم تعيين القضية لأول جلسة جناحية ممكنة و هي جلسة يوم الإثنين الموالي و الموافق ل8 جانفي 2018.
كل هذه الإجراءات من أجل “صورة شاشة مطبوعة” لتدوينة منسوبة لياسين العياري.
والأنكى من كل هذا ، أنه في جلسة 8 جانفي 2018 ، أصرّت النيابة العسكرية على اعتبار ياسين العياري (المتواجد خارج تونس) بحالة فرار، متعللين برجوع بطاقة الجلب دون إنجاز (البطاقة التي أُصدرت ورجعت في نفس اليوم). وطالبوا محاكمته حينًا مع اكساء الحكم بالنفاذ العاجل.

كل هذا موثّق في أرشيف المحكمة العسكرية،وتجدون بالموقع نسخ من بطاقة الجلب والإعلام بنشر القضية وكل ما يتعلق بالإجراءات المتخّذة ذلك اليوم.
وقد تم توثيق هذا أيضا في شهادة الأستاذ عبد الرزاق كيلاني عميد المحامين السابق في رسالته المفتوحة التي توجه بها إلى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.

هذه يا سادة هي القضية التي يقبع ياسين من أجلها وراء القضبان.
المحامي تفطّن بالصدفة للإجراءات.

وبفشل هذه المحاولة وموافقة المحكمة على تأخير الجلسة، تمكن ياسين العياري من القدوم إلى تونس والدخول إلى البرلمان واكتسب نظريا الحصانة التي تمكّنه من التخلّص من كل تتبّع في حقه و إيقاف النظر في كل قضية تخصّه.
ولكن، وفى ياسين العياري بما كان يعد به دائما و تخلى عن الحصانة، و وقف أمام القضاء العسكري بالرغم من إيمانه بأنه لا يحق لهذا القضاء العسكري الحكم على المدنيين.
و يمكنكم التأكد من تنازل ياسين العياري عن حصانته بإرادته منذ 2018.
ففي الحكم القضائي الذي صدر في حقه في جلسة يوم 26 جوان 2018 بخصوص نفس القضية، ورد في الفقرة الأخيرة من الصفحة الثانية من هذا الحكم تأكيد القضاة على أن ياسين متنازل عن الحصانة البرلمانية و لا يتمسّك بها. (تجدون نسخة بالموقع)
وكان الحكم في هذه الجلسة صادما.. ليس لأنّه حكم عسكري على مدني، أو لأنه متعلق بحرية التعبير فقط، بل لأن التدوينة المبنية عليها هذه القضية المفبركة هي تدوينة أنكر ياسين اي علاقة له بها وأنها لم تنزّل على حسابه الفايسبوكي، وهو ما أكدّه الإختبار الفني للشرطة الفنية

قضية تم إعدادها في يوم واحد و عن طريق خروقات قانونية عديدة، و ترتكز على “صور مطبوعة لشاشة هاتف” فقط .. بدون أي معاينة .. مع أن تقرير الشرطة الفنية يؤكد أنه لا علاقة لهذه التدوينة بحساب ياسين العياري .. وانه يوجد أكثر من حساب بهذا الإسم،ولم ينشر أي منها هذه التدوينة.
بالرغم من كل هذا، تقرر المحكمة العسكرية الحكم على ياسين ب3 أشهر سجن.
و تم النزول بالحكم فيما بعد إلى شهرين سجن في جلسة الإستئناف المنعقدة يوم 6 ديسمبر 2018،
و قام محامي ياسين بعد هذا الحكم بتعقيبه من أجل نقض هذا الحكم الجائر مثلما حدث في قضية عسكرية أخرى أنصف فيها التعقيب ياسين و نقض الحكم الصادر في حقه.
و تجدر الإشارة هنا إلى أن التعقيب في القضاء العسكري يوقف التنفيذ. و منذ أن عقّب الأستاذ المحامي هذا الحكم، لم يتم إعلامه هو أو ياسين بأي تاريخ لهذا التعقيب، وبقيا ينتظران التاريخ المحدد لجلسة التعقيب.
لنتفاجأ كلنا يوم 30 جويلية الفارط بتنفيذ هذا الحكم الذي تم تعقيبه بدون إعلام أو حضور ياسين أو محاميه.
وبحديثنا عن تنفيذ هذا الحكم واستماعنا إلى شهادة والدة ياسين عن كيفية القيام بذلك، فإننّا نؤكد على أنه مثلما كان رفع القضية والحكم فيها مخالفان للقانون و لغايات سياسية تخصّ الحكومات السابقة، فإن تنفيذ الحكم أيضا في ذلك الوقت وبتلك الطريقة هو تنفيذ سياسي لا غبار عليه.
خاصة و أن ياسين من داخل سجنه أكّد ان المجموعة التي قامت بخطفه تتبع الأمن الرئاسي بإعتراف لا لُبس فيه من قِبَلهم، ما يجعلنا نطالب وزارة الداخلية المخوّلة قانونا بتنفيذ الاحكام بمدنا بهويّة الفرقة التي قامت بالتنفيذ والتي نتحداها أن تكون تابعة لأجهزة الداخلية.
تنفيذ لحكم بخصوص تدوينة أثبت خبراء الشرطة الفنية أنها مفبركة، يتم بواسطة مجموعة كبيرة من الأفراد قدِموا في عدّة سيارات رباعية الدفع و يدخلون عنوة لمنزل والدته ويعتدون عليها و لا يدلون بأي وثيقة قانونية تفيد ذلك، و نظل لمدة ستة ساعات أو يزيد، لا نعلم شيئا عن ياسين أو مكانه أو سبب إيقافه.
فهل هذا تنفيذ لحكم قضائي ، ام خطف لمعارض شرس لما حدث يوم 25 جويلية ؟
هذه مختلف المعطيات للقضية العسكرية والسياسية لنائب الشعب ياسين العياري، والتي تحصلنا عليها بشقّ الأنفس أمام التعتيم المتعمّد من قِبل مؤسسات الدولة.

هكذا عاملت هذه الدولة أحد نوّابها الشباب، والذي كان النقطة المضيئة الوحيدة في البرلمان التونسي.
هو النائب الذي كان يشتغل لوحده ضعف بقية النواب جميعا.
هو النائب الذي وقف في وجه بن مبروك، وبن عيّاد و بلخيرية و العتروس وشقرون و غيرهم من اباطرة المال للحفاظ على حقوق التونسيين.
هو الذي رفع أكثر من 15 قضية شملت رؤساء حكومات ووزراء وحتى رئيس الجمهورية السابق.
ولعلّ عمله هذا كان هو السبب الرئيسي وراء ما يحدث له اليوم.
وفي الوقت الذي يكون فيه العياري في السجن بسبب تدوينة يعلم كل من في الدولة أنها مفبركة، ولا يُسمح حتّى لمحاميه بمقابلته، يتجوّل الفاسدون وناهبوا المال العام تحت ضوء الشمس في عهد الإنقلاب المجيد، بالرغم من القضايا التي رفعها ياسين بهم، لكن يبدو أن هذه القضايا لا تعيرها السلطة المنقلبة نفس أهمية قضية ياسين، مثلما لم تُعر بعد أي اهتمام بخصوص تنفيذ بطاقة الجلب الصادرة في حق كمال لطيف والحبيب عمار و غيرهم من البارونات.
اليوم، المهللون لما وقع يوم 25 جويلية يقولون أن ما حدث ذلك اليوم يجب أن يحدث حتى وإن كان عن طريق خرق الدستور ، وذلك من أجل إيقاف التلاعب بمؤسسات الدولة و الأجهزة القضائية .
فكانت أول الخطوات التي حدثت بعد يوم 25 جويلية هو تنفيذ حكم ثبُت فيه التلاعب بمؤسسات الدولة و الأجهزة القضائية لغايات سياسية بحتة.

اوقفوا محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية
اوقفوا التلاعب بأجهزة الدولة من أجل إسكات المعارضين.

هذا، ويجدر بنا ذكر أن ياسين العياري يتعرّض أيضا لمحاكمة أخرى من طرف القضاء الفرنسي بخصوص قضية “بلكاني” ، وذلك بسبب قيام نائب شعب تونسي بعمله الرقابي و وزيرا تونسيا عن شركة بترولية مشبوهة دخلت للسوق التونسية .
و في الوقت الذي رفضت فيه دولتنا سابقا التكفل بالدفاع عن هيبتها و رفض تدخل القضاء الفرنسي في السيادة التونسية، هاهي اليوم تمنع ياسين حتّى من الدفاع بنفسه عن السيادة التونسية و تحرمه باطلا من التواجد في الجلسة المقررة يوم 1 سبتمبر بأحد المحاكم الفرنسية.
نتوجه بالشكر لكلّ من أبدى التعاطف والمساندة و اظهر استعداده للتعاون والدعم من أجل إيقاف هذه المظلمة وهذا الإستعمال الجائر لمؤسسات الدولة.
نحن ندعو كلّ المنظمات الحقوقية والقانونية لتسليط الضوء على هذه الوقائع المُثبتة التي لا تليق بتونس الحريّة.